Page 41 - مجلة الشرطي الصغير
P. 41

‫وفعلا قام الأصدقاء الثلاثة بتنفيذ ما اتفقوا عليه؛ فزرع الغراب نواة تمر‪ ،‬وزرع الثعلب عظما‪ ،‬وزرع الصفصوف‬
   ‫عودا‪ ،‬ثم مضوا وغابوا عن المكان سنينا‪ .‬وبعد مرور سنوات قرروا العودة وهم متشوقون إلى معرفة نتيجة‬
   ‫زرعهم‪ ،‬وعندما وصلوا إلى المكان الذي كانوا يعيشون فيه؛ بدأ كل واحد منهم بالبحث عن زرعه‪ ،‬فكانت‬
   ‫المفاجأة‪ .‬فبعد أن حفر الثعلب مفتشا عن العظم الذي زرعه‪ ،‬ووجده كريه الرائحة وقد أكلته الأرض؛ فحزن‬
   ‫حزنا شديدا‪ ،‬أما الصفصوف فقد وجد العود الذي زرعه وقد تغير وصار يابسا لا حياة فيه‪ ،‬فكان ينظر‬
   ‫إليه بعينين دامعتين‪ ،‬وقلب حزين‪ .‬أما الغراب فقد وجد نواة التمر قد صارت نخلة خضراء يداعب سعفها‬
   ‫النسيم‪ ،‬ويعانق رأسها ضياء الشمس التي أنضجت ثمرها‪ ،‬فطار الغراب مزهوا بعمله‪ ،‬متفاخرا بما حققه‪،‬‬
   ‫وكان صديقاه الثعلب والصفصوف ينظران إليه نظرة استعطاف؛ فلعله يعطيهم من ثمر نخلته‪ ،‬ولكنه أخذ‬
   ‫يهزؤ ويسخر من أفكارهم الغبية‪ ،‬ويقول لهم‪ :‬احصدوا الآن ما زرعته أيديكم‪ ،‬بل كان يقول للثعلب‪ :‬افتح‬
   ‫فمك سألقي إليك ببعض ثمار نخلتي السخية‪ ،‬فإذا فتح فمه آملا في عطاء وكرم الغراب‪ ،‬ضحك من سذاجته‬
   ‫شعر الثعلب والصفصوف بخيبة أمل كبيرة‪ ،‬وقالا‪ :‬كيف لم نفكر جيداً في عاقبة ما نفعل؟ فما كنا سنجني التين‬

       ‫والعنب من زراعة عظم لا خير فيه‪ ،‬وغرس عود لا حياة فيه‪ ،‬علينا أن نحسن التفكير حتى يحسن العمل‬
                                                        ‫وحتى لا نتعرض للسخرية من الآخرين ‪.‬‬

‫‪41‬‬
   36   37   38   39   40   41   42   43   44   45   46